“يلا تنام يلا تنام.. لاهديلك طير الحمام..” هكذا تحدو الأم لطفلها وهي تهزّ له بيديها ليغفو على حنوّ صوتها. تمرّ أشهر الطفل الأولى بسرعة، يستمرّ خلالها بالنمو، وتتطور فيها معارفه ومداركه على المستويات العقلية والعاطفية والإجتماعية والجسدية.
يكبر الطفل شيئا فشيئا، وتبدأ خطواته الأولى في المشي، فتتوسّع دائرة مداركه واكتشافاته، ويكتسب المزيد من مهارات التواصل واللغة.
يستمرّ نموّ الطفل بشكل متصاعد، حيث يتطوّر الجانب الإجتماعي والعاطفيّ لديه من خلال اللعب مع الأهل والمحيط، ويترافق كلّ ذلك مع تطوّر دماغه الذي يرتبط غالبا بقدرته على تعلّم اللغة، والتفكير، والتذكّر والاستدلال.
قد نجد بعض الفروقات في تطوّر طفل عن آخر، ويعود ذللك لعوامل عدّة، من بينها دور الأهل والمحيط في تنمية قدرات طفلهم، وتطوير مهاراته، وتوسيع خياله. من هنا كان ضروريا على الأهل أن يتعرفوا على خصائص كل مرحلة من مراحل طفلهم العمرية، فيعالجوا مكامن الخلل عنده، ويعزّزوا نقاط القوة لديه.
هنا في هذا المقال -والذي اعتمدنا فيه على مصادر علمية دقيقة ومتنوّعة-، حاولنا التركيز على النقاط المشتركة بين المراجع المتعددة، بحيث يشكّل مرجعًا للأهل، يساعدهم في مراقبة وتتبّع نموّ طفلهم.
من الضروري أن يعلم الأهل أنّ هناك فروقات بين الذكور والإناث تبدأ بالظهور كلّما تقدّمنا في العمر، ومعرفة هذه الفروقات يساعد في فهم سلوكهم بشكل أوضح.
تختلف تسميات المراحل وتقسيماتها بين المراجع، لكن يبقى الهمّ الأساسي بالنسبة للأهل هو معرفة الخطوط العامة والعريضة لكل مرحلة على اختلاف مسمياتها
مرحلة الطفولة المتأخرة
تمتدّ هذه المرحلة من عمر التاسعة، وحتى عمر الثانية عشرة، حيث تتميّز بالخصائص الآتية:
النموّ العقليّ:
تنمو لدى الطفل الرغبة في اكتشاف الأسرار المُتعلِّقة ببيئته التي تحيط به، ويصبح أكثر إدراكاً للعالم الخارجيّ، وبشكل كلّي، كما أنّه يصبح مهتمّاً بتفسير العلاقات في سنّ العاشرة، والتي تتميّز بكونها الأرقى فكريّاً ممّا تتميّز به مرحلتا الثامنة، والتاسعة من الوصف. وفي هذه المرحلة تنمو لدى الطفل المقدرة على التجريد، فيقلّ التفكير المرتبط بالأشياء الحسّية لديه بشكل واضح.
النموّ الانفعاليّ والاجتماعيّ:
هي مرحلة الاستقرار والثبات الانفعاليّ، حيث تظهر في هذه المرحلة مقدرة الطفل على ضبط انفعالاته، وضبط النفس، فيتعلّم كيفيّة التخلّي عن الحاجات التي قد تؤدّي إلى غضب والديه، أو غيرهم. وتنمو لديه الاتّجاهات الوجدانيّة الإيحائيّة، فيهتمّ بالتقييم الأخلاقيّ، والضمير، وغيرها من الأمور. في هذه المرحلة يزداد اختلاطه بالراشدين، والأصدقاء مع الحرص على مصادقة مَن هم مِن الجنس الاجتماعيّ نفسه، كما أنّه يقضي وقتاً كبيراً في العمل الجماعيّ.
النموّ الحسّي الحركيّ:
يتميّز الطفل في هذه المرحلة بميله إلى النشاط الحركيّ، فيقضي أوقاته في الغالب خارج المنزل؛ ليمارس أنشطته، كركوب الدرّاجات، علماً بأنّ نضجه الحسّي يبلغ أوجه عند بلوغه تمام التاسعة من العمر، وبعدها يصبح أكثر سيطرةً على العضلات الدقيقة لديه؛ بسبب نضج مهاراته العقليّة.
النموّ الجسديّ:
حيث ينمو جسد الطفل في هذه المرحلة، وتنمو شخصيّته، فتصبح النسب الجسديّة مشابهة لخصائص الكبار، فمثلاً تصبح الأطراف طويلة، ويزداد النموّ في العضلات، كما تحدث زيادة نسبيّة في كلٍّ من: الوزن والطول، بالإضافة إلى ازدياد المقدرة على مكافحة الأمراض.
النموّ اللغويّ:
تتطوّر المقدرة اللغويّة للطفل وتزداد في سنّ التاسعة بشكلٍ كمّي، ونوعيّ، فيتعلّم القراءة، والكتابة، وتنمو لديه القدرات الحركيّة في سنّ العاشرة. كما يصبح ميّالاً إلى الكتابة بطريقة مُنظَّمة.
Add Comment